يجري الآن علماء وخبراء وباحثي القطاع البيطري المصري لاول مرة عمليات للإعداد لظهور أول خريطة وبائية كاملة المعالم والبيانات لمساعدة متخذي القرار عند مواجهة أي أوبئة أو كوارث متوقعة، وذلك قبل حدوثها بوقت كاف سواء في مصر أو في أي مناطق أخري مجاورة لنا علي الخريطة الدولية بهدف حماية ثروتنا الداجنة والحيوانية.
ولتطبيق هذه الخريطة، يستعد الآن خبراء وعلماء هذا القطاع الحيوي بمختلف مراكزه وجهاته البحثية والعملية لتطبيق أول برنامج قومي ارشادي يهدف لنشر الامان الحيوي وقواعده كاملة في كل مراحل وعمليات إنتاج الدواجن والحيوانات المنتجة للحوم والألبان من خلال تطبيق عمليات تدريب حديثة ومتطورة لكل المربين والعاملين في هذه العمليات الإنتاجية سواء علي المستوي المركزي أو علي مستوي الأفراد في المزارع والقري الريفية، كما جاء بصحيفة الاهرام.
ويؤكد الدكتور محمد مصطفي الجارحي رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية بوزارة الزراعة حديثه أن وباء إنفلونزا الطيور- الذي عاد- يذكره بوفاة آخر ضحاياه من البشر خلال الأسبوع الماضي، وهو الآن تحت السيطرة الكاملة نظرا للظروف المناخية الحارة التي تسود البلاد وتجعل من الفيروس المسبب له في أضعف حالاته إن لم تكن خطورته تحت الصفر.
وأضاف الجارحي: نحن الآن نستعد مبكرا قبل بداية فصل الشتاء- وهو موعد استعادة الفيروس لنشاطه وخطورته برغم ضعفه الجيني- لتطبيق برنامج إرشاد قومي وتدريبي لجميع المربين لإجادة وإتقان أسس الأمان الحيوي وطرق التربية الحديثة والسليمة سواء للقطاع التجاري في المزارع أو في القطاع الريفي للمنازل، ويتم إحكامه بواسطة لجان مرجعية خاصة تراجع ما يتم تطبيقه بكل دقة وعلي أن تتم هذه المراجعة دوريا ووفقا للاشتراطات الصحية المناسبة والسليمة والأمان العام، خاصة أن العينات الواردة لمعهد بحوث صحة الحيوان تتباين نتيجة نقص الوعي بقواعد الامان الحيوي والإلمام بطرق التربية السليمة والتقصي النشيط.
لقاح مصري لانفلونزا الطيور
ومن جهتها، تؤكد الدكتورة مني محرز رئيس معهد بحوث صحة الحيوان بمركز البحوث الزراعية أن خبراء وعلماء المعهد نجحوا مؤخرا في الوصول للقاح فعال لمقاومة مرض إنفلونزا الطيور، وقد يتم التوصل لتركيبته بعد جمع عينات من جميع أنحاء الجمهورية ومحافظاتها، وبعدها يتم اختيار المعزولات طبقا لخطة للتقصي تم وضعها بالتعاون مع الهيئة والمعمل القومي للرقابة علي الإنتاج الداجني لتجميع هذه المعزولات من جميع أنواع الطيور في كل أنحاء مصر وقراها ومزارعها، وبعدها يتم التحليل الجيني لهذه المعزولات، وتتم فيها عملية اختيار المعزولة التي تكون أكثر انتشارا أو تحورا ليصنع منها اللقاح الفعال.
وتضيف أنه تجري الآن عملية طرح عملية إنتاجه محليا في مناقصة عالمية قرر لها مجلس الوزراء من خلال وزارة المالية نحو 40 مليون جنيه لإنتاج نحو مليار جرعة من هذا اللقاح في بداية إنتاج أول خط عالمي محلي لإنتاج اللقاح في مصر، بدلا من استيراده من جهات عدة.
وتشير منى محرز الى انه- لأول مره في تاريخ مصر- يتم الاتفاق علي إنتاج لقاح واحد ووحيد تم اختياره بإجماع آراء كل ممثلي وعلماء وخبراء القطاع البيطري البحثي والمعملي في مصر بدلا من إنتاج 22 لقاحا محليا كانت عملية استخدامها تنتج عنها خسائر كبيرة سواء في ثرواتنا الداجنة التجارية أو الريفية، وهذا يتم كله في سبيل إعلاء المصلحة العليا لمصر وتوحيد جهود علمائها ويتم الاتفاق علي ألا يتم إستخدام هذا اللقاح إلا من خلال الهيئة العامة للخدمات البيطرية بالتعاون مع المعمل المرجعي للإنتاج الداجني ومن خلال توافر الإجراءات المرجعية وبعد اجراء اختبارات التحدي بواسطة المعمل المرجعي المركزي للرقابة علي المستحضرات البيطرية.
وتضيف محرز انه تتم تجربته فعليا تحت الإشراف الفني للمعمل، وهذا كله تم من خلال اجماع علماء الجامعات المصرية والمركز القومي للبحوث والهيئة العامة للخدمات البيطرية والمعامل المرجعية وكل المعامل البيطرية حتي تم اختيار لقاح معهد بحوث صحة الحيوان بالدقي.
ويؤكد الدكتور الجارحي ـ علي تشكيل لجان مشكلة بصورة فورية من خبراء الهيئة وعلماء معهد بحوث صحة الحيوان لأخذ عينات من سكان أو بيت الحالة المصابة سواء بالحصول علي مسحات من القصبة الهوائية للطيور المصابة أو في البيوت المجاورة وبعدها يتم إعدام الطيور المصابة التي تظهر عليها أي أعراض مرضية ويتم بعدها التطيهر الكامل والتام والجيد للمكان.
وتضيف الدكتورة مني محرز أنه بعد ظهور نتائج التحليل في معاملنا من عينات المسح التي تمت في موقع الإصابة والتي يصحبها الحصول علي معلومات كافية عن مصادر تربية الطيور وتاريخها الوراثي، وعند ثبوت الحالة الإيجابية للعينة في المعمل يتم وضع برنامج تقص نشيط في دائرة نصف قطرها نصف كيلو متر للكشف مبكرا عن أي إصابة أخري مبكرا في محيط موقع الإصابة الإيجابية.
وتؤكد محرز أنه يتم حاليا تطبيق هذا البرنامج في جميع أنحاء مصر بالاضافة لدعم وزارة الاتصالات بعمل خريطة لمواقع المزارع وكل جوانب سلسلة العملية الانتاجية للطيور تمهيدا لوضع أول خريطة وبائية في مصر.
وتلفت محرز النظر الى انه تم حتي الآن- بالتعاون مع الوزارة في محافظتي أكتوبر والجيزة- رفع بيانات 93 مزرعة، و81 مجزرا، وسوقا، ومفرخا، و60 وحدة بيطرية، ومراكز للدواجن، وسوف يتم مواصلة رفع بيانات هذه الخريطة في جميع محافظات الجمهورية لتكون تحت يد متخذي القرار كقاعدة بيانات كاملة شاملة تسهم في اتخاذ أي قرار للمواجهة والتعامل مع أي أمراض مفاجئة أو تحورات للفيروسات المسببة للأمراض في وقت قياسي.
ويؤكد رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية أنه منذ عام 1997 لا توجد أعراض للحمي المتصدعة بين حيوانات المزارع في مصر، مشيرا إلي أنها تعتبر من الأمراض المتوطنة المعتادة التي يتم التعامل مع أعراضها والسيطرة عليها من خلال توافر المناعة ضد هذا المرض في جميع سلالات حيواناتنا المصرية.
لجان ثلاثية للاستيراد
وبالنسبة لضمان استيراد لحوم حية أو مذبوحة وفقا للشريعة الاسلامية وغير مصابة بأي أمراض أو طفيليات أو فيروسات أو بكتريا، يؤكد الدكتور الجارحي أنه تم الاتفاق مؤخرا علي تنويع مصادر الاستيراد من الدول التي يسمح موقفها الوبائي بذلك بالنسب المسموح بها من خلال إرسال لجان ثلاثية إلي هذه الدول قبل التعاقد النهائي لمعرفة مواقع التربية والمنشأ، وكذا المجازر.
وهذه اللجان الثلاثية تضم خبيرا من الحقل وباحثا من معهد بحوث صحة الحيوان ومتخصصا أو خبيرا من الهيئة المصرية العامة للخدمات البيطرية، وكلهم من الأطباء البيطريين المتخصصين في البحوث والكشف عن اللحوم سواء الحية أو المذبوحة، والجديد في هذه اللجان هو كتابتهم لتعهد بتحمل جميع النتائج المترتبة علي عملية الكشف التي قاموا بها.
وأيضا يتم عند وصولها للمواني المصرية تحليل عينات منها في معامل معهد بحوث صحة الحيوان والمعامل المركزية لوزارة الصحة ووزارة التجارة سواء ضد الإشعاعات أو الهرمونات أو الفطريات والبكتيريا الممرضة والتأكد من سلامتها وصلاحيتها الكاملة للاستخدام الآدمي وسلامة صحة الإنسان الذي يتناولها.
ومن بين الدول التي يتم تنويع مصادر الاستيراد منها: الأرجنتين والبرازيل وجورجيا ودول حوض النيل لضمان التنوع ولكل منها فوائد جمة.
ومن خلال الباحثة شيرين، تم حصر بيانات وباء إنفلونزا لطيور حتي يوم 29 يوليو 2010 في أهم البؤر علي مستوي قارات الدنيا الست، وكانت في مقدمة هذه الدول فيتنام، تليها تايلاند، ثم مصر، وبعدها بنجلاديش، واندونيسيا، وتركيا، فرومانيا، وروسيا، فالصين، ثم ميانمار ثم الهند، ونيجيريا، وكوريا، وباكستان، وأوكرانيا، والسعودية، وكمبوديا، وأفغانستان، فالكويت، ولاوس، والسودان، وغيرها من البلدان.