بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن الحق أبلج، والباطل لجلج، ومن طبع الله على قلبه، وأحاطه الران؛ فلن نملك له شيئاً ولا حيلة فيه، ولا سبيل إليه (ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً).
يقول ربنا -تبارك اسمه- (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى).
قال الإمام إسماعيل ابن كثير رحمه الله: (أي التزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة، ومن الحوائج الشرعية الصلاة في المسجد بشرطه...).
إذاً أهل الحق لا يحبسون المرأة في البيت، بل يرون أن حبسها فيه ظلم، ولا يُلجأ إليه إلا للعقوبة أو التأديب، وهو أول ما نزل في عقوبة اللاتي يأتين الفاحشة في سورة النساء، قبل أن تنسخ بالجلد والرجم في سورة النور، ونسخها بهذه العقوبة العظيمة يدل على شدة المنسوخة إذْ جرى التبديل بينهما.
وهذا الأمر لا يجهله مَن أوتيَ علماً وبصيرة، ولا ينكره من رزق عقلاً وحكمة، وما أكرمَ المرأة إلا كريم، ولا أهانها إلا لئيم.
ولا شك أن الحاجة التي تُخرج المرأة من البيت تتنوع وتختلف باختلاف الزمان والمكان والظروف.
فإذا كان هذا كلامَ أهل الحق والإيمان؛ فما الذي يحنق منه دعاة السفور والفساد؟ ولماذا يرمون المعتدلين بفرية التشدد وحبس المرأة وتعطيلها ومنعها من التكسب المباح، واضطرارها على التسول والسرقة بدلاً من طلب الرزق الكريم؟
السبب حقيقةً، هو أن المصلحين يأتمرون بالكتاب والسنة، فهم ليسوا ممن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، بل يعلمون أن الذي أباح لها الخروج، هو الذي نظم خروجها، حتى في عبادة خالقها سبحانه، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن وهن تفلات).
ولأن هؤلاء الناصحين، يرون كثرة الأماكن الملائمة لعمل المرأة مع المرأة، فلا حاجة -فضلاً عن ضرورة- تدعو لأن تزاحم الرجال.
وهذا الذي ضيّق الخناق على المبطلين؛ فاستغلوا قيادتهم لزمام الإعلام، وشطروا كلامَ المهديين؛ باترين أوله، كاتمين آخره وهم يعلمون؛ رغبةً في استمالة العواطف، واستجلاب الآراء لصالحهم ضدَ المقسطين.
وعند التأمل في حال المحرِّفين وفي واقع الأمة نجد من أولَ وهلةٍ كذبَ ما زعموا، وحقيقةَ ما راموا، لدلائل منها:
1- بعض المستشفيات تشترط على المتقدمة للوظيفة أن تنزع حجابها، وأن تكون أمامَ المراجعين بـ (مظهر لائق) وكأنها تقدم إعلاناً إغرائياً وليس علاجاً أو عملاً جادَّاً، وتوجد حالات استيظافٍ كثيرة تم صرف النظر صاحباتها بسبب حجابهن، ومَن يعرف سيرة الدكتور فهد العبد الجبار مُذ كان في مستشفى الحرس الوطني وما بعده يعلمُ المراد.
2- عندما أُذِنَ للنساء بالعمل كبائعة في المتاجر، اشترطت بعض المحلات أن لا تكون الموظفة متحجبة، بل إن أحدهم رفض متقدمة سافرة الوجه؛ لسمرة بشرتها.
3- لا تزال كثير من المنشآت الحكومية الخاصة بالنساء متزاحمة بالعاملين الرجال؛ بينما المرأة المستحقة لهذه الوظيفة قابعة في بيتها تبحث عن محل تجاري لتبيع فيه تحت الشروط السافلة أو تبقى في بيتها، ومن أشهر ما كُشف قضية مركز التأهيل الشامل في نجران، واعتداء العامل الآسيوي فيه جنسياً على بعض المعاقات، وهو أحد الموظفين في المركز الذين يباشرون العمل مع المعاقات، شفاهن الله، فأين النساء عن هذه الوظائف؟!.
4- غالب الجهات الأهلية التابعة لإدارات حكومية تتجاهل توظيف السعوديات، ومن رام أن يتبين هذا فليتكلف زيارة أي مدرسة أهلية مهما كانت درجاتها الأكاديمية، لا سيما رياض الأطفال، ليرى أسماء العاملات سواء في الإدارة أو التدريس أو الخدمة والتأهيل.
5- في الكليات والعيادات الطبية يوجد طبيبات من (برفسور) فأقل، ولهن تلاميذ وتلميذات، وكلٌ يتبعه طاقم من المتدربين والمتدربات، فلماذا تُلزم الطالبة بالاندراج في طاقم الرجال ومزاحمتهم حذو الكتف بالكتف، حتى عند دخولهم لمباشرة المرضى وهذا نراه جميعاً كيف يتراصون بشكل ملفت أمام سرير المريض، بينما لا يوجد أدنى حاجة أو ضرورة لهذا الأمر، في ظل توفر الأطباء والمعلمين والمدربين من كلا الجنسين، فيستطيع كل جنس أن يلحق بجنسه، وقد حصل جرائم أخلاقية على مدى سنين أنِفَ منها حتى الأساتذة في الجامعة والأطباء وكتبوا عنها تقارير عديدة، لم يفوتوا حتى المصاعد القريبة من الطلاب لتبادل القبلات والأحضان مما أجبرَ أحد هذه المستشفيات مؤخراً إلى وضع أجهزة تصوير في المصاعد وكتابة لفت نظر الراكبين إلى وجود هذه الأجهزة، وهذا الإجراء بعد الإحراج بشكايات توالت على مدى سنين.
6- في كثير من المرافق والمراكز التجارية والطبية وغيرها تشغر وظائف إدارية تجيدها المرأة أكاديمياً وخبرة، وعندما تتقدم إلى إحداها تتفاجأ بوضعها في وظيفة أخرى (الاستقبال) ليست من اختصاصها أصلاً، ولكن لتكون واجهة ناعمة تجلب الزبائن!! ويوضع في تلك الوظيفة الإدارية من هو أقل قدرة.
ولو أردنا الإطناب والاسترسال في الأمثلة والنقاط لما انتهينا.
فهل هذه دلائل حرصهم على توظيف المرأة وإكرامها؟ وهل في هذا ما يجعل أيَّ غيورٍ يمنح أدنى ثقة بهؤلاء؟
لا وايمُ الله، ما جعلوا توظيفها وإنصافها إلا مطية لولوج عقول العوام والغافلين، وما أرادوا سوى إفسادها والانحطاط بالمجتمع بأسره.
وما هؤلاء إلا وجهاً آخر للغرب الذين جعلوا المراة سلعة لترويج مجلة هابطة فعرَّوها على الغلاف، أو راقصةً في ملهى ليليّ ليحلبوا بها أموال السكارى، أو حتى ضجيعة زانٍ تقبض نسبة من مهر البغاء، ثم إذا أفاقوا صبيحة الليلة الحمراء تهكموا في صحفهم بالإسلام ومعاملته للمرأة؛ حتى أفرزوا لنا سؤرهم، وسلطوا علينا أذنابهم.
فإلى متى يستمر تشويه مبادئ المصلحين وتحريف الكلم عن مواضعه؟
نعم نريد المرأة أن تعمل، والنساء شقائق الرجال، وللمرأة دور في المجتمع يتنوع ويتغير بحسب متغيرات الحياة وظروفها.
ولذلك فإن الآية الكريمة قد ضربتهم في مقتل، وهم يعرفون حق المعرفة أنها تحرم تبرج الجاهلية الأولى، وتبيح الخروج للحاجة في ظل التفل والستر والعفاف؛ الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلم قيداً حتى للخارجة في عبادة، والأصل في مَن هذا حالها أنها ستخرج على أشرف وجه وأعفّ صورة، وستصلي في صفوف النساء، والجميع في حال عبادة وخشوع بعيدين عن الدنيا ورفثتها، ومع ذلك فقد نبّه عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم تأكيداً، فكيف بمن خرجت لما هو أدنا من ذلك، وكل ما سواه يدنو عنه.
نسأل الله أن يأخذ بنواصينا للحق، وأن يحفظنا ويحفظ نساءنا من كل سوء، وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فإن الحق أبلج، والباطل لجلج، ومن طبع الله على قلبه، وأحاطه الران؛ فلن نملك له شيئاً ولا حيلة فيه، ولا سبيل إليه (ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً).
يقول ربنا -تبارك اسمه- (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى).
قال الإمام إسماعيل ابن كثير رحمه الله: (أي التزمن بيوتكن فلا تخرجن لغير حاجة، ومن الحوائج الشرعية الصلاة في المسجد بشرطه...).
إذاً أهل الحق لا يحبسون المرأة في البيت، بل يرون أن حبسها فيه ظلم، ولا يُلجأ إليه إلا للعقوبة أو التأديب، وهو أول ما نزل في عقوبة اللاتي يأتين الفاحشة في سورة النساء، قبل أن تنسخ بالجلد والرجم في سورة النور، ونسخها بهذه العقوبة العظيمة يدل على شدة المنسوخة إذْ جرى التبديل بينهما.
وهذا الأمر لا يجهله مَن أوتيَ علماً وبصيرة، ولا ينكره من رزق عقلاً وحكمة، وما أكرمَ المرأة إلا كريم، ولا أهانها إلا لئيم.
ولا شك أن الحاجة التي تُخرج المرأة من البيت تتنوع وتختلف باختلاف الزمان والمكان والظروف.
فإذا كان هذا كلامَ أهل الحق والإيمان؛ فما الذي يحنق منه دعاة السفور والفساد؟ ولماذا يرمون المعتدلين بفرية التشدد وحبس المرأة وتعطيلها ومنعها من التكسب المباح، واضطرارها على التسول والسرقة بدلاً من طلب الرزق الكريم؟
السبب حقيقةً، هو أن المصلحين يأتمرون بالكتاب والسنة، فهم ليسوا ممن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، بل يعلمون أن الذي أباح لها الخروج، هو الذي نظم خروجها، حتى في عبادة خالقها سبحانه، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وليخرجن وهن تفلات).
ولأن هؤلاء الناصحين، يرون كثرة الأماكن الملائمة لعمل المرأة مع المرأة، فلا حاجة -فضلاً عن ضرورة- تدعو لأن تزاحم الرجال.
وهذا الذي ضيّق الخناق على المبطلين؛ فاستغلوا قيادتهم لزمام الإعلام، وشطروا كلامَ المهديين؛ باترين أوله، كاتمين آخره وهم يعلمون؛ رغبةً في استمالة العواطف، واستجلاب الآراء لصالحهم ضدَ المقسطين.
وعند التأمل في حال المحرِّفين وفي واقع الأمة نجد من أولَ وهلةٍ كذبَ ما زعموا، وحقيقةَ ما راموا، لدلائل منها:
1- بعض المستشفيات تشترط على المتقدمة للوظيفة أن تنزع حجابها، وأن تكون أمامَ المراجعين بـ (مظهر لائق) وكأنها تقدم إعلاناً إغرائياً وليس علاجاً أو عملاً جادَّاً، وتوجد حالات استيظافٍ كثيرة تم صرف النظر صاحباتها بسبب حجابهن، ومَن يعرف سيرة الدكتور فهد العبد الجبار مُذ كان في مستشفى الحرس الوطني وما بعده يعلمُ المراد.
2- عندما أُذِنَ للنساء بالعمل كبائعة في المتاجر، اشترطت بعض المحلات أن لا تكون الموظفة متحجبة، بل إن أحدهم رفض متقدمة سافرة الوجه؛ لسمرة بشرتها.
3- لا تزال كثير من المنشآت الحكومية الخاصة بالنساء متزاحمة بالعاملين الرجال؛ بينما المرأة المستحقة لهذه الوظيفة قابعة في بيتها تبحث عن محل تجاري لتبيع فيه تحت الشروط السافلة أو تبقى في بيتها، ومن أشهر ما كُشف قضية مركز التأهيل الشامل في نجران، واعتداء العامل الآسيوي فيه جنسياً على بعض المعاقات، وهو أحد الموظفين في المركز الذين يباشرون العمل مع المعاقات، شفاهن الله، فأين النساء عن هذه الوظائف؟!.
4- غالب الجهات الأهلية التابعة لإدارات حكومية تتجاهل توظيف السعوديات، ومن رام أن يتبين هذا فليتكلف زيارة أي مدرسة أهلية مهما كانت درجاتها الأكاديمية، لا سيما رياض الأطفال، ليرى أسماء العاملات سواء في الإدارة أو التدريس أو الخدمة والتأهيل.
5- في الكليات والعيادات الطبية يوجد طبيبات من (برفسور) فأقل، ولهن تلاميذ وتلميذات، وكلٌ يتبعه طاقم من المتدربين والمتدربات، فلماذا تُلزم الطالبة بالاندراج في طاقم الرجال ومزاحمتهم حذو الكتف بالكتف، حتى عند دخولهم لمباشرة المرضى وهذا نراه جميعاً كيف يتراصون بشكل ملفت أمام سرير المريض، بينما لا يوجد أدنى حاجة أو ضرورة لهذا الأمر، في ظل توفر الأطباء والمعلمين والمدربين من كلا الجنسين، فيستطيع كل جنس أن يلحق بجنسه، وقد حصل جرائم أخلاقية على مدى سنين أنِفَ منها حتى الأساتذة في الجامعة والأطباء وكتبوا عنها تقارير عديدة، لم يفوتوا حتى المصاعد القريبة من الطلاب لتبادل القبلات والأحضان مما أجبرَ أحد هذه المستشفيات مؤخراً إلى وضع أجهزة تصوير في المصاعد وكتابة لفت نظر الراكبين إلى وجود هذه الأجهزة، وهذا الإجراء بعد الإحراج بشكايات توالت على مدى سنين.
6- في كثير من المرافق والمراكز التجارية والطبية وغيرها تشغر وظائف إدارية تجيدها المرأة أكاديمياً وخبرة، وعندما تتقدم إلى إحداها تتفاجأ بوضعها في وظيفة أخرى (الاستقبال) ليست من اختصاصها أصلاً، ولكن لتكون واجهة ناعمة تجلب الزبائن!! ويوضع في تلك الوظيفة الإدارية من هو أقل قدرة.
ولو أردنا الإطناب والاسترسال في الأمثلة والنقاط لما انتهينا.
فهل هذه دلائل حرصهم على توظيف المرأة وإكرامها؟ وهل في هذا ما يجعل أيَّ غيورٍ يمنح أدنى ثقة بهؤلاء؟
لا وايمُ الله، ما جعلوا توظيفها وإنصافها إلا مطية لولوج عقول العوام والغافلين، وما أرادوا سوى إفسادها والانحطاط بالمجتمع بأسره.
وما هؤلاء إلا وجهاً آخر للغرب الذين جعلوا المراة سلعة لترويج مجلة هابطة فعرَّوها على الغلاف، أو راقصةً في ملهى ليليّ ليحلبوا بها أموال السكارى، أو حتى ضجيعة زانٍ تقبض نسبة من مهر البغاء، ثم إذا أفاقوا صبيحة الليلة الحمراء تهكموا في صحفهم بالإسلام ومعاملته للمرأة؛ حتى أفرزوا لنا سؤرهم، وسلطوا علينا أذنابهم.
فإلى متى يستمر تشويه مبادئ المصلحين وتحريف الكلم عن مواضعه؟
نعم نريد المرأة أن تعمل، والنساء شقائق الرجال، وللمرأة دور في المجتمع يتنوع ويتغير بحسب متغيرات الحياة وظروفها.
ولذلك فإن الآية الكريمة قد ضربتهم في مقتل، وهم يعرفون حق المعرفة أنها تحرم تبرج الجاهلية الأولى، وتبيح الخروج للحاجة في ظل التفل والستر والعفاف؛ الذي جعله النبي صلى الله عليه وسلم قيداً حتى للخارجة في عبادة، والأصل في مَن هذا حالها أنها ستخرج على أشرف وجه وأعفّ صورة، وستصلي في صفوف النساء، والجميع في حال عبادة وخشوع بعيدين عن الدنيا ورفثتها، ومع ذلك فقد نبّه عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم تأكيداً، فكيف بمن خرجت لما هو أدنا من ذلك، وكل ما سواه يدنو عنه.
نسأل الله أن يأخذ بنواصينا للحق، وأن يحفظنا ويحفظ نساءنا من كل سوء، وأن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.