الرئيسية
أجاب:
د. علي جمعة
مفتي الديار المصرية
سمعت أن المسلم عندما يدخل الجنة -سواء الرجل أو المرأة- سيكون في الثلاثين من عمره.. هل هذا كلام صحيح؟ وهل له علاقة بالصحة؟!
هناك أحاديث ضعيفة تقول: إننا سنكون في سن سيدنا عيسى عليه السلام، وإننا سنكون في حجم كبير يربو على ستين ذراعاً.. والذراع حوالي 42 سم، فلنقل نصف متر، فيكون طولنا حوالي 30 متراً، فالرجال والسيدات يكون طولهم 15 ضعفاً تقريباً من الآن. هذا الكلام ورد في الآثار.. ولكنه ليس عقيدة جازمة.. إنما الواضح في القرآن عن الجنة أنها شيء آخر، فيها "ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر". متفق عليه فكيف سندخل؟ وما شكلنا؟.. كل هذه الأشياء في الحقيقة أشياء بسيطة لما سوف نراه. فلا نجهد تفكيرنا في هذا؛ إنما نشغل بالنا في طاعة الله الذي أمرنا بحسن السياسة فيما بيننا، وفي حُسن التدبير فيما بيننا، وأن نحب الآخرين، ونعبد الله ونتجنب الخيانة والفساد والرشوة والإفساد في الأرض، والقتل والعنف والقسوة.. ونكون رحماء.
القضية الآن. فيم نشغل أنفسنا؟ نشغل أنفسنا بالدنيا وتعميرها؟ أم نشغل أنفسنا بتفاصيل تفاصيل ما سوف يحدث يوم القيامة في الجنة.. سنحب بعضنا، النزعة الشيطانية التي تنزع بعضنا بها في الدنيا لن تكون موجودة، لا غضب يوم القيامة. إذن، هيا بنا نعود إلى دنيانا فنصلحها.. هيا بنا نعود إلى دنيانا فنعمل فيها لوجه الله. هيا بنا نخلص العمل لله.. هيا بنا نقاوم الفساد.. هيا بنا نقاوم الإلحاد.. هيا بنا نقاوم الذين يريدون أن يحولوا الإنسان إلى قطعة من اللحم أو الخردة..
هيا بنا ندعو الناس إلى الجمال، وإلى الرحمة، وإلى عمارة الأرض.. فالوقوف كثيراً عند أخبار الآخرة سينشئ لنا عقلية تغيب عن الواقع وتنظر إلى ما بعد الواقع.. وربنا سبحانه وتعالى وصف وصفاً في الجنة يحفز الإنسان على فعل الخيرات، ويمنع الإنسان من فعل المعاصي، ويدعوه دائماً إلى عبادته سبحانه وتعالى.. ولكن ليس للجنة وحدها نعبد الله.. فأهل الله أمرونا أننا نفعل لله وليس للجنة؛ وإننا لا نعبد الله طمعاً في جنته ولا خوفاً من ناره بقدر ما نعبده سبحانه وتعالى حباً في ذاته ورهبة من أن يغضب علينا، أو أن نخرج من دائرة رضاه.. فنحن نعبد الله؛ لأنه هو الذي يستحق العبادة..
سمعت أن الزوجة في الجنة لها الحق أن تختار زوجها نفسه الذي كان معها في الدنيا أن يكون زوجها في الآخرة، أو أن يكون معها في الجنة؛ فما صحة ذلك؟ وهل لو كانت في مرتبة أعلى، لها أن تطلب رفع مرتبته إليها؟
لو تزوجت المرأة زوجين يحدث هذا؛ فهي تختار أيهما كان أقرب إليها رحماً، وأحسن عشرة، وأحن عليها من الاثنين.
ربنا سبحانه وتعالى وعد الرجال المؤمنين بالحور العين في الجنة؛ فهل هذا الوعد للنساء أيضاً أم للرجال فقط؟
وعد النساء في الجنة واضح جداً، وهو أنهن الحور العين، هن أنفسهن الحور العين، النساء اللائي يعشن معنا الآن.. القضية كلها أننا سنتحول في الجنة إلى دار نعيم.. دار تشريف، وليست تكليف.. نعيم مقيم؛ يعني دائم، لا يوجد موت، لا توجد فيه حرارة زائدة أو برودة زائدة، الأنهار تجري من تحتنا.. والطين مسك، وإذا خضنا فيه بأرجلنا فإننا نتعطر.. هي شيء آخر. نساء الدنيا المؤمنات هن الحور العين في الجنة؛ ولكن ليس بنفس الشكل، ولا بنفس الملامح.. وإنما شيء آخر.. بحيث إذا ظهرت واحدة منهن على هيئتها في الجنة لأهل الأرض ماتوا من حلاوتها.. فهن أنفسهن حور عين، وجائزتهن نحن الرجال.. فإن شاء الله يرضى عنا جميعاً ويوفقنا في الدنيا للطاعة، ويوفقنا في الآخرة للجنة.
